فصل: تفسير الآية رقم (10):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (3):

{ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3)}
{الباطل} {آمَنُواْ} {أَمْثَالَهُمْ}
(3)- وَقَدْ أَبْطَلَ اللهُ تَعَالى أعْمَالَ الكُفَّارِ، وَتَجَاوزَ عَنْ سَيِّئَاتِ المُؤْمِنينَ الأبرَارِ، وأصْلَحَ لَهمُ حَالَهُمْ، لأنَّ الذِينَ كَفَرُوا اخْتَارُوا اتِّبَاعَ البَاطِلِ عَلى اتِّبَاعِ الحَقِّ، ولأنَّ المُؤْمِنِينَ اتَّبَعُوا الحَقَّ الذِي جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهم فَهَدَاهُم رَبُّهم إِلى سَبيلِ الرَّشَادِ.
وَكَما بَيَّنَ اللهُ تَعَالى أفْعَالِ الكُفَّار والفُجَّارِ، وَحَالَ المُؤْمِنينَ الأَبْرَارِ، وَمَا سَيَفْعَلُهُ بِكُلِّ فَريقٍ، فَإِنَّهُ يَضْرِبُ الأمثَالَ للنّاسِ، وَيُشبِّهُ لهُمُ الأشْياءَ، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ مآلَ أعْمالِهم وَمَا يَصِيرُونَ إليهِ لِيَتَفكَّرُوا وَيَتَّعِظُوا.

.تفسير الآية رقم (4):

{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)}
{لِّيَبْلُوَاْ} {أَعْمَالَهُمْ}
(4)- يُرشِدُ اللهُ تَعَالى المُؤْمِنينَ إلى وُجُوب قِتَالِ المُشْرِكِينَ الذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبيلهِ حَتَّى يَنْخَذِلَ الشِّرْكُ وَأهْلُهُ، وَيُبَيِّنُ لَهُمُ الأَسْلُوبَ الذِي يَعْتَمِدُونَهُ في قِتَالِهِمْ فَيَقُولُ تَعَالى: إذا لَقِيتُمُ المُشْرِكِين في سَاحَةِ الحَرب فَاحْصُدُوهُم حَصْداً بالسيُّوفِ، حَتَّى إذا تَمَّتْ لَكُمُ الغَلَبَةُ عَلَيهِم، وَقَهَرْتُم مَنْ تَبَقَّى مِنْهُمْ حَيّاً، وَصَارُوا أسْرى في أيدِيكم، شُدُّوا وِثَاقَهُمُ لِكَيلا يَعْمَدُوا إِلى الهَرَبِ، أوِ العَوْدةِ إِلى القِتَالِ، وَبَعْدَ انتِهَاءِ الحَرْبِ فأنْتُم بِالخيارِ بَيْنَ المَنِّ عَلَيهِم وإِطْلاقِ سَرَاحِهِمْ بِدُونِ فِدَاء، وَبَيَنُ مُفَادَاتِهِمْ. وَقَدْ تَكُونُ المُفَادَاةُ بِمالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ لإِضْعَافِ شَوْكَتِهْم، وَقَدْ تَكُونُ بأسْرى مِنَ المُسْلِمينَ. وهذهِ هيَ السُّنَّةُ في قِتَالِ المُشْرِكِينَ والكُفَّارِ حَتَى تَنْتَهِيَ الحَرْبُ وَتَضَعَ أوْزَارَها، وَلَوْ شَاءَ الله أَنْ يَنْتَقِمَ منهُمْ بِعُقُوبةٍ عَاجِلَةٍ لَفَعَلَ، وَلَكَفَاكُمْ أَمْرَهُمْ، وَلكِنَّهُ شَرَعَ الجِهَادَ، وَقتَالَ الأعداءِ، لِخْتَبِرَ المُؤمِنينَ وَصَبْرَهُمْ عَلَى القِتَالِ، وَيخْتَبِرَ المُشرِكِينَ، فَيُعَاقِبَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بأيدِي المُؤْمِنينَ، وَيَتَّعِظَ مِنْهُمْ مَنْ شَاءَ وَيَرْجِعَ إِلى الحَقِّ. واللهُ يَجْزِي الشَّهَداءَ الذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِهِ تَعَالى، وَيَتَجَاوزُ عَنْ سَيَّئَاتِهِمْ، وَيُثَمِّرُ لَهُمْ أعْمالَهُمْ وَيُنَمِّيها لَهُمْ.
فَضَرْبَ الرِّقاب- فَاضرِبُوا الرِّقابَ ضَرْباً.
أثْخَنْتُمُوهُمْ- أوْسَعْتُمُوهُمْ قَتْلاً وَجَرْحاً وَأسْراً.
شُدُّوا الوَثَاقَ- أحْكِمُوا وَثَاقَ الأسْرَى.
حَتَّى تَضَعَ الحَربُ أوْزَارَها- حَتّى تَنْتَهِيَ الحَرْبُ.
مَنّاً- إطلاقَ سَراحِ الأسْرى بِغَيْرِ فِداءٍ.
فِدَاءً- أوْ إطلاقَ سََرَاحِهِمْ مَعَ المُفَاداةِ بِمَالٍ أوْ بِأسْرى مِنَ المُسْلِمينَ.

.تفسير الآية رقم (5):

{سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5)}
(5)- وسَيَهْدِي اللهُ الشُهَدَاءَ في سَبيلِهِ إلى طَريقِ الجَنَّةِ، ويُصْلِحُ حَالَهم في الآخِرَةِ.

.تفسير الآية رقم (6):

{وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)}
(6)- وَيدُخْلِهُمَ ربُّهم الجَنَّةَ، فَيَجِدُ كُلُّ وَاحِد فيها مَقَرَّهُ لا يَضِلُّ في طَلَبِه، وَكَأنَّهُ يَعْرِفُهُ مِنْ قَبْلُ.
وَجَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «لأَحَدُكُمْ بِمَنْزِلِهِ في الجَنَّةِ أعْرَفُ مِنْهُ بِمَنْزَلِهِ في الدُّنيا». رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

.تفسير الآية رقم (7):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)}
{ياأيها} {آمنوا}
(7)- يَحُثَّ اللهُ تَعَالى المُؤْمِنينَ عَلَى الجِهَادِ، وَيُعْلِمُهُمْ بَأنَّه يَنْصُرُهُمْ إذا أخْلَصُوا النيَّةَ في قِتَالِ أعدائِهِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: إنَّهُمْ إذا نَصَرُوا دِينَ اللهِ نَصَرَهُمُ اللهُ عَلَى أعْدائِهِمْ، وثَّبتَ أقْدَامَهُمْ في الحَرْبِ وَفي الدِّينِ.

.تفسير الآية رقم (8):

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8)}
{أَعْمَالَهُمْ}
(8)- وَالذِينَ كَفَرُوا باللهِ فَخِزْياً لَهُمْ وَشَقَاءً، وَأَبْطَلَ اللهُ أعْمَالَهُمْ، وَجَعَلَهَا عَلَى غَيرِ هُدىً واستِقَامةٍ لأنَّها عُمِلَتْ لِلشَّيْطَانِ فَتَعْساً لَهُمْ- فَعِثَاراً أوْ شَقَاءً لَهُمْ.

.تفسير الآية رقم (9):

{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)}
{أَعْمَالَهُمْ}
(9)- وَقَدْ أتْعَسَ اللهُ الكَافِرِينَ وَأخْزَاهُمْ وَأضَلَّ أعْمَالَهُمْ، لأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أنزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ قُرآنٍ وَأحْكَامٍ وَشَرْعٍ وَتَكَالِيفَ.
أَحْبَطَ أعْمَالَهم- أبْطلَهَا.

.تفسير الآية رقم (10):

{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10)}
{عَاقِبَةُ} {لِلْكَافِرِينَ} {أَمْثَالُهَا}
(10)- أفَلَم يَسِرْ هَؤُلاءِ المُكَذِّبونَ في الأَرْضِ لِيَرَوا كَيْفَ عَاقَبَ اللهُ المُكَذِّبينَ مِنَ الأمَمِ السَّالِفَةِ، لَقَدْ دَمَّرَ قُراهُمْ وَبُيُوتَهُمْ، وأهْلَكَ أولادَهُمْ وَأمْوَالَهُمْ، أفَلا يَعْتَبِرُ هَؤُلاءِ بِما نَزَلَ بِمَنْ سَبَقَهُمْ مِنَ المُكَذِّبينَ، وَيَنْتَهُونَ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الكُفْرِ وَالغَيِّ والضِّلالَةِ؟
وَكَما أهْلَكَ اللهُ المُكَذِّبينَ السَّابِقِينَ، وَنجَّى المُؤْمِنينَ مِنْ بَيْنِ أظْهُرِهِمْ، كَذلِكَ يَفْعَلُ اللهُ بالكَافِرينَ، السَّائِرينَ سِيرَتَهُمْ.
دَمَّرَ عَلَيهِمْ- أطْبَقَ الهَلاكَ عَلَيهِمْ.

.تفسير الآية رقم (11):

{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11)}
{آمَنُواْ} {الكافرين}
(11)- وَقَدْ دَمَّرَ اللهُ عَلَى الكَافِرينَ، وَنَجَّى المُؤْمِنينَ وَأَظْهَرَهُمْ عَلَى الكَافِرينَ، لأنَّ اللهَ مَوْلى الذِينَ آمَنُوا وَصَدَّقُوا رَسُولَهُ وأطَاعُوهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُمْ وَحَافِظُهُمْ، وَلأنَّ الكَافِرينَ لا ناصِرَ لَهُمْ فَيَدْفَعُ عَنْهُمُ العُقوبَةَ وَالعَذَابَ.

.تفسير الآية رقم (12):

{إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12)}
{آمَنُواْ} {الصالحات} {جَنَّاتٍ} {الأنهار} {الأنعام}
(12)- وَفي يَوْمِ القِيَامةِ يُدخِلُ اللهُ تَعَالى الذِينَ آمَنُوا بهِ، وَبِكُتَبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَعَمِلُوا الأعْمَالَ الصَّالِحَاتِ، جَنَّاتٍ تَجرِي في أرْضِها الأنهَارُ جَزاءً لَهُم عَلَى إيمَانِهِمْ. أمَّا الكَافِرُونَ الذِين كَفَرُوا باللهِ وبِكُتُبهِ، وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ، فَإِنَّهُم يَتَمَتَّعُونَ بما في هذهِ الدُّنيا مِنْ مَتَاعٍ زَائِلٍ، وَيَأكُلُونَ فِيها كَالأنعَامِ، غَيرَ مُفَكِّرِينَ في عَواقِب أمُورِهِمْ، وَلا مُعْتَبِرِينَ بِما أقَامَهُ اللهُ لِلْعِبَادِ منَ الأدِلَّةِ على وُجُودِهِ ووَحْدَانِيَّتِهِ تَعَالى، وَسَيَصِيرُونَ في الآخِرَةِ إلى جَهَنَّمَ فَتَكُونُ مَسْكَنَهُمْ وَمَأوَاهُمْ.
مَثْوىً- مَوضِعُ ثَواءٍ وَإِقَامَةٍ لَهُمْ.

.تفسير الآية رقم (13):

{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13)}
{وَكَأَيِّن} {أَهْلَكْنَاهُمْ}
(13)- وَكَثيرٌ مِنَ البَلادِ السَّالِفَةِ كَانَ أهْلُها أشَدَّ بَأساً مِنْ أهْلِ مَكَّةَ الذِينَ أخْرَجُوكَ مِنْ بَيْنِ أظْهُرِهِم، وَأكْثرَ قُوَّةً، فأَهْلَكَهُمُ اللهُ، وَدَمِّرَ قُراهُم، فَلَمْ يِجِدوا لَهُمْ نَاصِراً يَنْصرُهُمْ مِنَ اللهِ، وَلا مُعِيناً يَدْفَعُ عَنْهمَ بأسَهُ وعَذابَه، فَاصْبِرْ يا مُحَمَّدُ كَما صِبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، فَإِنَّ العَاقِبةَ سَتَكُونُ لَكَ وَللمُؤْمِنينَ.
كَأيٍّ مِنْ قَريَةٍ- كَثيرٌ منَ القُرَى.

.تفسير الآية رقم (14):

{أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14)}
(14)- أفَمنْ كَانَ عَلَى بَصِيرَةٍ برَبِّهِ وَخَالقِهِ، وَبِما أَنْزَلَهُ في كِتَابِهِ مِنَ الهُدَى والعِلْمِ، فَهُوَ يُدْرِكُ أنَّ لَهُ ربّاً خَلَقَهُ وَرَعَاهُ، وأنَّهُ سَيُجَازِيهِ على أعْمالِهِ في الآخِرةِ بإدخَالِهِ الجَنَّةَ، كَمَنْ حَسَّنَ لَهُ الشَّيطَانُ عَمَلَهُ القَبيحَ، وَأراهُ إِيَّاهُ جَميلاً فأقَامَ عَلَيهِ، وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَشَهَواتِهِ فَانْغَمَسَ فِي المَعَاصِي غَيْرَ مُفَكِّرٍ فِي بَعْثٍ وَلا حِسَابٍ، وَلا فِي جَزَاءٍ عَلَى الأعمالِ، إِنَّهُ بِلا شَكٍّ مُفَكِّرٍ فِي بَعْثٍ وَلا حِسَابٍ، وَلا فِي جَزَاءٍ عَلَى الأعمالِ، إِنَّهُ بِلا شَكٍّ لا يَتَساوَى المُؤْمِنُ الصَّالِحُ، مَعَ الكَافِرِ الفَاجِرِ، في الجَزَاءِ عِندَ اللهِ فِي الآخِرَةِ.

.تفسير الآية رقم (15):

{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15)}
{أَنْهَارٌ} {آسِنٍ} {لِّلشَّارِبِينَ} {الثمرات} {خَالِدٌ}
(15)- يَصِفُ اللهُ تَعَالى الجَنَّةَ التي وَعَدَ المُتَّقينَ بإدخَالِهم إليها، فَيَقُولُ تَعَالى: إنَّها جَنَّةٌ تَجري فيها أنْهَارٌ مِنْ مِيَاهٍ غَيرِ مَتَغَيِّرةِ الطَعْمِ واللَّوِنِ والرَّائِحَةِ، لطُولِ مُكْثِها وَرُكُودِها، وَفيها أنْهَارٌ مِنْ لَبنٍ لم يَتَغيّرْ طَعْمُهُ وَلَمْ يَفْسُدْ، وَفِيها أنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذِيذَةِ الطَّعْمِ وَالمَذَاقِ لِشَاربيها، لا تَغْتَالُ العُقُولَ، وَلا يُنْكِرُهَا الشَّارِبُون، وَفِيها أَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ قَدْ صُفِّي مِنَ الشَّمْعِ والفَضَلاتِ. ولِلْمُتَّقِينَ فِي الجَنَّةِ مِنْ جَميعِ الفَوَاكهِ المُخْتَلِفَةِ الأَنْواعِ والطُّعُومِ وَالمَذَاقِ والرَّائِحَةِ. وَلَهُمْ فَوْقَ ذلكَ مَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ تَعَالى، فَهُو يَتَقَّبَلُ مَا قَدَّمُوه مِنْ عَمَلٍ، وَيَتَجَاوَزُ عَنْ هَفَواتِهِمِ التِي اقْتَرَفُوهَا في الدُّنيا.
فَهَلْ يَتَسَاوى هَؤُلاءِ المُتَّقُونَ النَّاعِمُونَ في رِضْوانِ اللهِ، وَجَنَّاتِهِ، مَعَ الأشقِياءِ الذِين أدْخَلَهُمُ اللهُ النَّارَ لِيَبْقَوا فِيها خَالِدِينَ أبَداً، جَزاءً لَهُمْ عَلَى كُفْرِهِم وتكْذِيبهِمُ رُسُلَ رَبِّهم، وَأعْمَالِهم السَّيِّئَةِ؟ إِنَّهُمْ لا يَتَسَاوَوْنَ أبَداً. وَإذا طَلَبَ هَؤُلاءِ الأشقِيَاءُ، وَهُمْ يُعَذَّبُونَ في نَارِ جَهَنَّمَ، الماءَ لِيُطْفِئُوا ظَمَأهُم فَإنَّهُم يُسْقَوْنَ مَاءً شَدِيدَ الحَرَارةِ إذا شَرِبُوهُ قَطَّعَ أمْعَاءَهُمْ.
مَثَلُ الجَنَّةِ- وَصْفُها.
غَيرِ أسِنٍ- غَيْرِ مُنْتِنٍ وَلا مُتَغَيِّرِ الطَّعْمِ.
مَاءً حَميماً- بَالِغاً الغَايَةَ في الحَرَارَةِ.

.تفسير الآية رقم (16):

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16)}
{آنِفاً} {أولئك}
(16)- وَمِنَ النَّاسِ مُنَافِقُونَ يَسْتَمِعُونَ إلى الرَّسُولِ فَلا يَعُونَ مَا يَقُولُ، وَلا يَفْهَمُونَ مَا يَتْلُو عَلَيهِمْ مِنْ كِتَابِ اللهِ، فَإِذا خَرَجُوا من عِنْدهِ قَالُوا لِمَنْ حَضَرَ المَجْلِسَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ بِكِتابِ اللهِ: مَاذَا قَالَ مُحمَّدٌ قَبْلَ أَنْ نُغَادِرَ المَجْلِسَ؟ وَهُمْ بِذَلِكَ يَسْتَهْزِئُونَ، وَيَسْتَخِفُّونَ بِما يَقُولُهُ رَسُولُ اللهِ، وَكأنَّ ما يَقُولُهُ لَيْسَ ممَّا يُؤبَهُ بهِ، وَهَؤُلاءِ هُمُ الذينَ خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، فَلا يَهتَدُونَ إلى الحَقِّ الذي جَاءَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ، واتَّبْعُوا شَهَواتِهِمْ وَأهْوَاءَهُمْ، فَلا يَرْجِعُونَ إلى حُجَّةٍ وَلا بُرْهَانٍ.
آنِفاً- الآنَ أوِ السَّاعةَ أوْ مُنْذُ قَليلٍ.